ميدل إيست آي: الإمارات تستخدم مرتزقة لقيادة قواتها باليمن

نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا لروري دوناغي، حول استخدام الإمارات للمرتزقة في قواتها الخاصة.

ويشير التقرير إلى أن قائد القوات الخاصة، التي نشرت في اليمن، كجزء من التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين هناك، هو مواطن أسترالي، اسمه مايك هندمارش، وعمره 59 عاما، وهو ضابط سابق في الجيش الأسترالي، ويعرف بأنه القائد لقوات الحرس الرئاسي الإماراتي.

ويذكر الكاتب أن قوات الحرس الرئاسي هي عبارة عن وحدات من المارينز والاستطلاع والطيران والقوات الخاصة والألوية الميكانيكية، بحسب موقع وزارة الخارجية الأمريكية.

ويقول دوناغي إن “هندمارش أشرف على تشكيل قوات الحرس الرئاسي في أوائل عام 2010، بعد أن قبل وظيفته براتب يقدر بنصف مليون دولار معفاة من الضرائب في أبو ظبي، حيث إن المسؤول المباشر عنه هو ولي العهد الأمير محمد بن زايد آل نهيان”.

ويضيف الكاتب: “أشيد بالدور الرئيسي الذي أداه الحرس الرئاسي الإماراتي في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى منصبه”.

ويلفت الموقع إلى أنه تم تشكيل التحالف في آذار/ مارس؛ لدحر الحوثيين، الذين تراهم الدول الخليجية ذراعا لإيران. وتم نشر الحرس الرئاسي الإماراتي في اليمن منذ 4 آيار/ مايو، وقيل إنهم أدوا دورا رئيسيا في استعادة مدينة عدن مع القوات اليمنية المتحالفة مع هادي في 17 تموز/ يوليو.

ويشير دوناغي إلى أنه “تم قتل حوالي 5700 شخص، نصفهم مدنيون، منذ أن أطلق التحالف حملته. واليمن يعاني من أزمة إنسانية حادة قبل دخول التحالف في الحرب، ولكن وضع البلاد تدهور بشكل كبير بعد ذلك، حيث أصبح أكثر من 80% من الشعب البالغ تعداده 24.5 مليون شخص، بحاجة إلى المعونات الإنسانية”.

الرابط الأسترالي

ويقول الكاتب: “بينما يوصف التحالف العربي المقاتل في اليمن بأنه بقيادة السعودية، فإن مسؤولا خليجيا قال للموقع، مشترطا عدم ذكر اسمه، إن القوات البرية الخارجية تقودها في الواقع الإمارات العربية المتحدة”.

ويضيف دوناغي أنه “تم إرسال أكثر من 10 آلاف جندي للتحالف إلى اليمن، ومع أنه لم تصدر أي إحصائيات رسمية بهذا الخصوص، إلا أنه يعتقد بأن أكثر من 1500 منهم إماراتيون. وغالبا ما تكون أفضل القوات البرية تدريبا ومعدات هي قوات الحرس الرئاسي الإماراتي، وهي القوات العربية الوحيدة التي قامت بعمليات عسكرية كاملة في أفغانستان، حيث قاتلوا بجانب القوات الأمريكية”.

ويشير التقرير إلى أن موقعا متخصصا في الدفاع يقدر عدد قوات الحرس الرئاسي الإماراتي بحوالي خمسة آلاف جندي. ويقول دوناغي: “أعلن في 2014 عن صفقة تدفع فيها الإمارات 150 مليون دولار لقوات المارينز الأمريكية، مقابل تدريب الحرس الرئاسي، وذكرت التقارير أن ولي العهد محمد بن زايد طالب بزرع (روح المحاربين) في نفوس الجنود”.

ويوضح الموقع أن هندمارش كان يحظى بسجل خدمة متميز في الجيش الأسترالي قبل الانتقال إلى أبو ظبي، لتطوير القوات الخاصة. وخدم هندمارش في جيش بلده بين عامي 1976 و2009، حصل خلالها على 11 جائزة، وشارك في جولات عسكرية تضمنت الشرق الأوسط.

ويلفت الكاتب إلى أن ” هندمارش ترأس قوات النخبة الأسترالية في كانون الثاني/ يناير 1997، ثم انتقل لقيادة القوات الأسترالية الخاصة من تشرين الأول/ أكتوبر 2004 إلى كانون الثاني/ يناير 2008، قبل أن يقوم بقيادة القوات الأسترالية في الشرق الأوسط من آذار/ مارس 2008 إلى كانون الثاني/ يناير 2009″.

ويتابع دوناغي بأن “مركز عمل هندمارش كان في بغداد، وأشرف على انتقال القاعدة الأسترالية إلى الإمارات، بعد انسحابها من العراق. وذكر الإعلام المحلي بأن هندمارش تعامل وقتها (على أعلى المستويات الأمنية مع المسؤولين الكبار والجيش الإماراتي)”.

ويستدرك الموقع بأنه “منذ ذلك الحين تمركزت القوات الأسترالية في قاعدة المنهاد الجوية، وأعلن رئيس الوزراء توني أبوت باكرا هذا العام، أنه سيرسل 600 جندي أسترالي إلى الإمارات، للمشاركة في التحالف ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق”.

ويذكر التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، أنه بعد عودة هندمارش إلى أستراليا من الشرق الأوسط في 2009، عمل مديرا لقيادة تدريب الجيش في فيكتوريا باركس في سيدني، براتب 230 ألف دولار أمريكي في العام. ويقول دوناغي: “أعلن في تشرين الأول/ أكتوبر 2009 بأن الحكومة الأسترالية وافقت على تقاعد هندمارش من الجيش، ليقوم بقيادة الحرس الرئاسي في الإمارات”.

وينقل الموقع عن الخبير العسكري مايكل نايتس قوله على “تويتر” إن دور هندمارش في الحرس الرئاسي الإمارتي كان حركة ذكية من الإمارات. وقال إنه “يجب على دول مجلس التعاون الخليجي كلها أن تفعل ذلك، لا تشتروا أفضل المعدات فقط، بل اشتروا أفضل الإمكانيات أيضا”.

ويرى الكاتب أن “الإمارات على ما يبدو اتبعت قاعدة شراء الكفاءات، فنظرة سريعة على موقع (LinkedIn) يعطيك نتائج كثيرة لجنود ذوي خبرة وبشكل رئيسي من أستراليا انضموا إلى الحرس الرئاسي”. مشيرا إلى أن “من بينهم بيتر بستون، الذي يعمل في أبو ظبي، وهو عسكري أسترالي سابق، ويعمل منذ شباط/ فبراير 2014 مستشارا للحرس الرئاسي”.

ويواصل دوناغي قائلا: “من الجنود ذوي الخبرة الذين انضموا إلى الحرس الرئاسي سكوت كاريغان وكيفن دولان وستيف نيكولاس. ولا يعرف تحديدا عدد الجنود الأستراليين الذين يعملون مع الحرس الرئاسي، إلا أن الإعلام المحلي قال في وقت تعيين هندمارش، إن عشرات منهم يعملون في مواقع قيادية وتدريبية وتوجيهية. ومع أنه يبدو أن الأستراليين يشكلون العدد الأكبر من القيادات، إلا أن هناك جنسيات أخرى في الحرس الرئاسي يقومون بالتدريب وتقديم الاستشارات”.

ويورد الكاتب أنه “على سبيل المثال ديزي داوسون، وهو مدير سابق في وزارة الدفاع البريطانية وضابط مشاة بحرية سابق، ويعمل مستشارا رفيع المستوى لدى الحرس الرئاسي، وكذلك الأمريكي روبرت كروس، الذي يترأس معهد الحرس الرئاسي كونه جزءا من برنامج التدريب الذي تقدمه مشاة البحرية الأمريكية”.

مرتزقة قتلوا في اليمن

ويفيد الموقع بأن وكالة سبأ، التي يديرها الحوثيون، ذكرت في 8 كانون الأول/ ديسمبر، أن ستة كولومبيين مع قائدهم الأسترالي قتلوا في معارك جنوب شرق محافظة تعز. وجددت الوكالة تقريرها في اليوم التالي قائلة إن 14 مرتزقا أجنبيا قتلوا، بما في ذلك بريطانيان وفرنسي، بالإضافة إلى الكولومبيين والأستراليين، ولم يتم تأكيد تلك الادعاءات.

وبحسب التقرير، فإنه كانت هناك تقارير في شهر تشرين الأول/ أكتوبر عن وجود مرتزقة كولومبيين في اليمن، عندما ذكر بأن حوالي مئة جندي كولومبي انضموا إلى قوات التحالف، مع حوالي 800 أرسلوا لدعم قوات هادي.

ويعتقد الكاتب أن “الإمارات على ما ييدو استأجرت الكولومبيين للحرب في اليمن. ونشرت صحيفة (نيويورك تايمز) في 2011 تقريرا قالت فيه إنه تم عرض رواتب مغرية على جنود كولومبيين ذوي خبرة؛ للانضمام لقوة سرية إماراتية تم إنشاؤها بعد ثورات الربيع العربي”. ويستدرك بأنه “لا يعرف إن كان الكولومبيون، الذين يقاتلون في اليمن، مرتبطين بالحرس الرئاسي أم لا، ولكن كلا من الحرس الرئاسي والجيش السري يقعان تحت الإشراف المباشر لمحمد بن زايد”.

وبحسب الموقع فإن كثيرا من التقارير أشارت إلى الكولومبيين بأنهم موظفون لدى “بلاكووتر”، وهي الشركة الأمريكية التي قتلت 17 مدنيا عراقيا في بغداد عام 2007، ولكن محرر شؤون الشرق الأوسط السابق في صحيفة “الغارديان” بريان ويتيكار قال إن المقاول الذي أنشأ القوة السرية في الإمارات هي شركة تدعى “ريفليكس رسبونسس”، التي تدعى أيضا “R2″، وقد أنكرت الشركة أن رئيس شركة “بلاكووتر” نفسه هو من يقف وراء شركتهم.

تجنيد الحرس الرئاسي

ويقول دوناغي إنه “بينما يبقى موضوع المرتزقة الكولومبيين سريا إلى حد ما، إلا أن الحرس الرئاسي ليس كذلك، خاصة في استراتيجيات التجنيد. فقد تم ترويج الحرس على أنهم شعار وطني يدعو إلى التفاخر بالقوة العسكرية التي وصلت إليها الإمارات منذ أن أنشئت عام 1971. وتقوم الإمارات بالأعمال العسكرية في المنطقة، بما في ذلك المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية، والتحالف الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا”.

ويضيف الكاتب أن “الإمارات قامت وحدها بشن غارات جوية في ليبيا، ما فاجأ المسؤولين الأمريكيين، ووصفت الإمارات بأنها (حليف فاعل) لأمريكا. وتجد هذا الشعور بالقوة المتنامية في فيديو ترويج الحرس الرئاسي، الذي يعود إلى عام 2011، ويقوم فيه رجال باللباس العسكري بترديد الأغاني الوطنية يتخللها صور لحاكم البلاد”.

ويمضي دوناغي إلى القول إن “عرضا نشر في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 على الإنترنت لترويج الحرس، يقول إن الحرس هم (قلب الأمة)، وتهدف الدعاية إلى تجنيد الرجال والنساء بين سن 16 و29 عاما ممن يقفون على (تقاطع طرق) في حياتهم”.

ويلفت التقرير إلى أن “للحرس صفحة (فيسبوك) و(تويتر)، وتستخدمان للتجنيد ولعكس الصورة عن الإماراتيين كونهم مواطنين فخورين ببلدهم. ولم يسع الحرس الرئاسي إلى التوسع عدديا، بل إن خبرة أعضائه تستخدم لتدريب الشباب خلال خدمتهم العسكرية”.

ويذكر الموقع أنه “قد تم إدخال الخدمة العسكرية الإجبارية عام 2014 للذكور كلهم ما بين 18 و 30 عاما، الذين أتموا دراستهم الثانوية لمدة تسعة أشهر، ولمن لم ينه الثانوية لمدة سنتين. والخدمة العسكرية للإناث اختيارية لمدة تسعة أشهر”. مشيرا إلى أنه تم إرسال عدد من المجندين إلى اليمن، ولكن هذا توقف بعد مقتل 45 إماراتيا في هجوم للحوثيين.

وينقل “ميدل إيست آي” عن بعض العائلات الإماراتية في آب/ أغسطس الماضي، قولها إنها فوجئت بأنه  تم إرسال أبنائها إلى اليمن، على الرغم من قلة خبرتهم القتالية.

التحالف مع الإخوان المسلمين

وبحسب الكاتب، فإنه “لا توجد إشارات على أن حرب اليمن ستنتهي قريبا، فقد انتهت محادثات السلام بين الأطراف المتنازعة في سويسرا نهاية الأسبوع الماضي دون تحقيق نتائج في الوقت الذي استمر فيه القتال على الأرض”.

ويورد التقرير أن مسؤولا خليجيا يرى أنه يجب على الإمارات العربية المتحدة بناء تحالفات أكثر براغماتية على الأرض في اليمن، إن أرادت نهاية الحرب قريبا.

ويقول المسؤول الذي تحدث لـ”ميدل إيست آي” بشرط عدم ذكر اسمه، إن الحرب يمكن أن تنتهي “في أسبوعين أو ثلاثة”، لو وافقت الإمارات العربية على التحالف مع “الإصلاح”، وهي الجماعة المنتمية للإخوان المسلمين في اليمن. ويستدرك المسؤول قائلا: “لكنهم لا يريدون؛ لأن لديهم مشكلة مع الإخوان المسلمين”.

ويذكّر دوناغي بدور أبو ظبي في محاربة الإخوان قائلا: “فقد قادت الإمارات الحملة في المنطقة ضد الإخوان المسلمين، بما في ذلك تصنيف الجماعة بأنها إرهابية في داخل الإمارات، ودعم الجيش المصري في حملته للإطاحة بأول رئيس مصري منتخب، محمد مرسي، الذي كان زعيما من الإخوان”.

وينوه الموقع إلى أن “أبو ظبي رفضت العمل مع حركة الإصلاح اليمنية، وحمل المسؤولون الإماراتيون الحركة المسؤولية عن الفشل بطرد المتمردين الحوثيين من المناطق، بما فيها محافظة تعز”.

ويشير الكاتب إلى أن “ازدراء الإماراتيين للإخوان المسلمين ذهب بعيدا، لدرجة قيل إنهم دعموا وشجعوا الحوثيين للسيطرة على العاصمة اليمنية في أيلول/ سبتمبر العام الماضي، من أجل تقويض الدور الذي أداه (الإصلاح) في حكم البلاد، بحسب ما قال مسؤولون بارزون في حينه لـ (ميدل إيست آي). واليوم وبعد 15 شهرا، يجد الإماراتيون أنفسهم غارقين في معركة لإخراج الحوثيين، ولكنهم حذرون من تعزيز قوة أعدائهم الإخوان المسلمين”.

ويختم “ميدل إيست آي” تقريره بالإشارة إلى قول المسؤول الخليجي: “لقد حان الوقت للإمارات كي تضع أرواح اليمنيين في مقدمة الاهتمام، والتحالف مع (الإصلاح). فرجالها يقتلهم الحوثيون، والطريق واضح لإنهاء هذا كله”.