حضرموت تتقاسمها القاعدة والقبائل وقوات عسكرية

تتقاسم السيطرة على حضرموت شرقياليمن ثلاثة أطراف تفرض سلطة الأمر الواقع، كل حسب توجهاته الفكرية والقبلية والعسكرية، في ظل وضع معقد تعيشه البلاد، ولا سيما مع انشغال الحكومة بمحاربة الحوثيينوحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وتعد حضرموت أكبر محافظات اليمن، إذ تمثل 36% من مساحة البلاد، وتمتلك شريطا ساحليا يبلغ طوله 450 كلم، ونصف حدود اليمن مع السعودية، إضافة إلى ثروة نفطية ومعدنية هائلة.
ومنذ الثاني من أبريل/نيسان الماضي وحتى اللحظة لا يزال مسلحو القاعدة يحكمون سيطرتهم عسكريا وأمنيا على مدينة المكلا عاصمة المحافظة والمدن المجاورة، وتشرف هذه المنطقة على الشريط الساحلي، وفيها ثلاثة موانئ، هي المكلا والضبة النفطي والشحر.

وتلاشت وعود القاعدة بتسليم كامل ساحل حضرموت إلى المجلس الأهلي الذي أسند إليه التنظيم الشؤون الخدماتية والإدارية محتفظا لنفسه بالملف الأمني، في المقابل ارتفعت الأصوات المنادية برحيله.

وقد غنم تنظيم القاعدة سلاحا نوعيا وثقيلا جراء سيطرته على معسكرات وألوية المنطقة العسكرية الثانية بساحل المحافظة.

ومع سيطرة القاعدة على اللواء 27 ميكا بالمكلا انسحبت قوات حماية الشركات النفطية بحضرموت التابعة له، وحينها فرضت القبائل -التي تتخذ وادي نحب معقلا لها- سيطرتها على مجمع الشركات النفطية بالمحافظة.

وفور تعيين اللواء عبد الرحيم عتيق قائدا للمنطقة العسكرية الثانية ولتعذر قيامه بمهامه بقيادة المنطقة لوقوعها تحت سيطرة القاعدة لجأ إلى مقر قوات حماية الشركات النفطية مدعوما بقوات عسكرية جديدة من أبناء قبائل المحافظة تم تدريبهم في معسكرات للتحالف بحضرموت.

ويشير ناطق حلف القبائل صالح مولى الدويلة إلى أن الحلف يرفض أي تواجد للقاعدة داخل حضرموت، مشددا على تمسكهم باستبدال أفراد من أبناء المحافظة بقوات الجيش الحالية في حضرموت، لافتا إلى أن قوات التحالف تعمل على تجهيز وتأهيل هذه القوة من أبناء حضرموت.
في المقابل، تتواجد قوات المنطقة العسكرية الأولى في مديريات وادي وصحراء حضرموت، ويقودها اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي الذي أظهر ولاءه للحوثيين من خلال حضوره فعالية ما سمي “الإعلان الدستوري” للحوثيين في مطلع فبراير/شباط الماضي ثم أعلن ولاءه للشرعية وعاصفة الحزم في 19 أبريل/نيسان الماضي.

وتضم هذه القوات التي تعرضت في السنوات الخمس الأخيرة لهجمات شنها تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية من لواءين مدرعين، وثالث لحرس الحدود، ورابع للمشاة، وخامس للمشاة ميكانيكي، إضافة إلى لواءي محوري العمليات بثمود والخشعة، ويقع مقرها بمدينة سيئون ثاني أكبر مدينة في المحافظة، وتغطي نصف حدود اليمن مع السعودية.

واعتبر رئيس مركز أبعاد للدارسات والبحوث عبد السلام محمد أن الواقع في حضرموت متداخل وتحكمه عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية ومناطقية وسياسية مكن عدة أطراف من السيطرة.

وأوضح أن تحالفات المصلحة رجحت بقاء حضرموت خارج إطار الصراعات الدائر رغم وجود صراع سياسي بين أطراف محسوبة على النظام السابق وأطراف محسوبة على التغيير.

وأشار إلى أن التيارات المناطقية التي تعتقد عدم جدوى البقاء في إطار اليمن الموحد أو ما قبله تقارب مصالحها مع الجهات الساعية لاستخدام الفوضى ورقة أمنية للضغط على الإقليم والخارج.

ولفت إلى أن هذه التيارات التي التقت مع بيئة جهادية نمت في الصحراء بعيدا عن أعين الدولة، واجتمعت مع عصابات ارتبطت مصالحها بغياب الدولة، بالإضافة إلى عامل تسليم قيادات عسكرية موالية لصالح أهم المعسكرات بساحل المحافظة السبب الرئيسي لسيطرة القاعدة على المكلا.

وبين محمد أن البيئة الجغرافية وضعت حضرموت على طريق التهريب من السواحل المفتوحة على بحر العرب في المهرة والحدود اليمنية العمانية، مما جعل العصابات تحرص على تغييب الدولة.

وعن طرف القبائل المسيطرة على منابع النفط أوضح أنه لا يتعدى محاولة من العصابات لإظهار سيطرة وجاهات اجتماعية على تلك المحافظة تجنبا للصراع، غير أن الحقيقة أن تلك الوجاهات هي أصلا جزء من الوضع الفوضوي بدليل أنها استهدفت سابقا بعض النقاط العسكرية.

وبخصوص التواجد العسكري في وادي وصحراء حضرموت، قال “إنه ضعيف جدا كون الدولة مستهدفة من قبل مجموعات الفوضى والمصلحة تحت لافتة أن الجيش موالٍ للمخلوع صالح”. وأضاف “هذه المعسكرات أصبحت تعمل مع العصابات”.