الواقع العربي: اليمن في 2015: انقلاب وحرب

حداث كثيرة ومتسارعة على المستويين السياسي والعسكري عاشها اليمنيون خلال عام 2015، أبرزها كان انقلاب مليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على السلطة الشرعية، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء وبعض المحافظات، وما تلاها من تدخل عسكري عربي مباشر قادته السعودية، وصولا إلى التقدم الذي تحرزه المقاومة الشعبية والجيش الوطني الشعبي، والذي وضع الحوثيين وحلفاءهم في مأزق دفعهم للبحث عن مخرج سياسي للأزمة.

أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء عبد الباقي شمسان، أطلق وصفا بليغا لما جرى في اليمن طوال عام 2015، بقوله إن الأحداث المتسارعة التي عرفتها البلاد وضعت اليمنيين “في قرص مضغوط”، ووضعت الدولة الوطنية أمام رهانات تتمثل في كيفية إعادة صياغة المجتمع بشكل عقلاني.

ورأى في حديثه لحلقة (30/12/2015) من برنامج “الواقع العربي” أن البلاد باتت أمام مشهد مفتوح، وعلى اليمنيين أن يتعاونوا مع هذا المشهد بعقلانية صارمة حتى لا يقعوا في ما سماها مرحلة رخوة لا يستطيعون التحكم فيها.

وفي قراءته لبدايات المشهد اليمني، أشار شمسان إلى أن الحوثيين والمخلوع كان لديهم مخططان: الأول أن الحوثيين ليس في نيتهم التمدد في ربوع اليمن أكثر من محافظة عمران وصعدة ليصبحوا رقما صعبا في المعادلة اليمنية على شاكلة حزب الله اللبناني، لكن تحالفهم مع صالح الذي يطمح إلى العودة للسلطة، جعلهم يتحركون في ثورة مضادة ظنا منهم أن التعامل السعودي مع الأزمات يتميز عادة بالكلاسيكية.

غير أن التحول الإستراتيجي الذي قامت به السعودية من خلال تدخلها المباشر في اليمن رفقة الحلفاء العرب -يضيف شمسان- أربك حسابات الحوثيين وصالح. وأشار شمسان إلى أن بعض التسريبات تتحدث عن خلاف بين الطرفين في الوقت الحالي، لأن صالح -الذي يعلم أنه استنفد كل أوراقه إقليميا ودوليا- يريد أن يكون هو اللاعب الرئيسي، وأن يكون التفاوض معه لا مع الحوثيين الذين قال المتحدث إن لديهم رغبة في العودة لمخططهم السابق.

هيكلة الجيش
من جهته، لخص الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني العميد محمد جواس، أهم التطورات والأحداث العسكرية التي شهدها اليمن عام 2015 في مسألة هيكلة الجيش وبروز السعودية ودول الخليج عسكريا، في إشارة إلى تدخلهما العسكري في اليمن ضمن التحالف العربي.

وقال إن الحرب أدت إلى هيكلة الجيش اليمني بمعايير وطنية، حيث اكتشف اليمنيون أنهم لا يملكون جيشا وطنيا قويا بمقدوره حماية البلاد وحماية الحقوق الدستورية للمواطنين، وأشار إلى أن دخول المقومة الشعبية كرافد قوي بعقيدة عسكرية ساهم في تقوية هذا الجيش.

وبشأن ما إذا كان الحسم سيكون قريبا لصالح الشرعية في اليمن، قال الخبير العسكري والإستراتيجي “لا وقت محددا للحسم”، لأن الجيش اليمني لا يحارب جيشا نظاميا وإنما مليشيا تستخدم حرب العصابات وتكتيكات تنظيم القاعدة، وتقاتل بعقيدة قتالية إيرانية، إضافة إلى التضاريس الجبلية في اليمن والألغام التي قد تستخدمها هذه المليشيات وقوات صالح.

ولكن المتحدث أشار إلى تكتيك عسكري يمكن اللجوء إليه، وهو قيام الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بقضم مناطق معينة ثم تأمينها، وسد المنافذ حتى تصبح مليشيا الحوثي وقوات صالح وراء المقاومة الشعبية والجيش الوطني، وقد يوصل هذا القضم إلى أقرب مسافة من العاصمة صنعاء.

يذكر أن المسلحين الحوثيين أحكموا في يناير/كانون الثاني الماضي سيطرتهم على دار الرئاسة ومقار الاستخبارات وألوية الصواريخ في العاصمة صنعاء، لتنتقل المواجهات إلى مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد فرض الحوثيين طوقا حول منزله.

وفي 26 مارس/آذار انطلقت عملية “عاصفة الحزم” العسكرية التي ينفذها التحالف العربي بقيادة السعودية، واستمرت حتى 22 أبريل/شباط إذ أعلنت السعودية توقفها وبدء عملية “إعادة الأمل“.